کد مطلب:280443 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:174

الامر بروایة الحدیث
أمرت الدعوة الإلهیة الخاتمة بتدوین ما بین الناس حفظا للحقوق، قال تعالی: (یا أیها الذین آمنوا إذا تداینتم بدین إلی أجل مسمی فاكتبوه)، إلی قوله تعالی: (ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنی ألا ترتابوا)، [1] قال الخطیب البغدادی: أدب الله تعالی عباده. بقید ما بینهم من معاملات فی بدایة التعامل حفظا للدین وإشفاقا من دخول الریب فیه، فلما أمر الله تعالی بكتابة الدین حفظا له، كان العلم الذی



[ صفحه 308]



حفظه أصعب من حفظ الدین. أحری أن تباح كتابته خوفا من دخول الریب والشك فیه، [2] والكتابة أوكد الحجج، ببطلان ما یدعیه أهل الریب والضلال، فالمشركین لما ادعوا بهتانا اتخاذ الله سبحانه بنات من الملائكة، أمر الله تعالی رسوله أن یقول لهم (فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقین). [3] .

والنبی (ص) أمر بكتابة العلم وقال قیدوا العلم بالكتاب [4] وعن رافع قال خرج علینا رسول الله (ص) فقال: تحدثوا. ولیتبوأ من كذب علی مقعده من النار، قلت: یا رسول الله إنا لنسمع منك أشیاء فنكتبها؟

قال: إكتبوا ولا حرج، [5] وعن أبی هریرة قال: لیس أحد من أصحاب النبی (ص) أكثر منی حدیثا عن رسول الله إلا ابن عمرو، فإنه كان یكتب ولا أكتب. [6] .

وروی أن النبی (ص) قال ألا إنی أوتیت الكتاب ومثله معه، [7] وكان یقول نضر الله امرأ سمع منا حدیثا فحفظه حتی یبلغه غیره، فرب حامل فقه إلی من هو أفقه منه، ورب حامل فقه لیس بفقیه، [8] وقال تسمعون ویسمع منكم ویسمع ممن سمع منكم. [9] .



[ صفحه 309]



ولقد وقف البعض من قریش فی طریق الروایة والكتابة، ومن المحفوظ أن الله تعالی لعن علی لسان رسوله (ص) بعض الأفراد والقبائل، وأن الرسول ذكر أسماء رؤوس الفتن وهو یخبر بالغیب عن ربه، حتی أن حذیفة قال والله ما ترك رسول (ص) من قائد فتنة. إلی أن تنقضی الدنیا بلغ معه ثلثمائة فصاعدا، إلا قد سماه لنا باسمه واسم أبیه واسم قبیلته [10] ویشهد بصد قریش عن الروایة، ما روی عن عبد الله بن عمرو قال: قلت یا رسول الله أقید العلم؟ قال: نعم، قلت؟ وما تقییده؟ قال:

الكتابة، [11] وروی عنه أنه قال: كنت أكتب كل شئ أسمعه من رسول الله (ص) أرید حفظه، فنهتنی قریش فقالوا: إنك تكتب كل شئ تسمعه من رسول الله (ص)، ورسول الله بشر یتكلم فی الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتابة، فذكرت ذلك لرسول الله (ص)، فقال: أكتب والذی نفسی بیده ما یخرج منه إلا حق - وأشار إلی فیه، [12] وما حدث مع عبد الله، حدث مع ابن شعیب، فعن عمر بن شعیب عن أبیه عن جده قال قلت یا رسول الله - أكتب كل ما أسمع منك؟ قال: نعم قلت: فی الرضا والغضب؟ قال: نعم فإنی لا أقول فی ذلك كله إلا حقا. [13] .

وبینما كان النبی (ص) یحث علی الروایة والكتابة علی امتداد عهد البعثة، كان یخبر بالغیب عن ربه بأنه یوشك أن یكذبه أحدهم، وأن الروایة سیتم تعطیلها إلی أن یشاء الله، فعن معد یكرب قال قال رسول الله (ص)، یوشك أحدكم أن یكذبنی وهو متكئ علی أریكته.

یحدث بحدیث من حدیثی فیقول. بیننا وبینكم كتاب الله، فما وجدنا فیه



[ صفحه 310]



من حلال استحللناه، وما وجدنا فیه من حرام حرمناه، ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله. [14] وقال (ص) لأصحابه لألفین أحدهم متكئا علی أریكته، یأتیه الأمر من أمری بما أمرت به أو نهیت عنه، فیقول: لا أدری ما وجدناه فی كتاب الله اتبعناه، [15] وقوله یوشك إشارة إلی أن الأمر قریب، وقوله متكئ علی أریكته، المتكئ. كل من استوی قاعدا علی وطاء متمكنا.


[1] سورة البقرة آية 282.

[2] تقييد العلم / الخطيب البغدادي ص 34.

[3] سورة الصافات آية 157.

[4] رواه الطبراني وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح (الزوائد 152 / 1) وابن عبد البر (جامع العلم 86 / 11).

[5] رواه الطبراني (الزوائد 151 / 1) والخطيب وسمويه (كنز العمال 232 / 10).

[6] رواه الترمذي وصححه (الجامع 40 / 5).

[7] رواه أحمد (الفتح الرباني 191 / 1) والحاكم (المستدرك 109 / 1).

[8] رواه أحمد (كنز العمال 220 / 10) والترمذي وابن حبان في صحيحه (كنز 221 / 10).

[9] رواه أحمد وأبو داوود والحاكم (كنز 223 / 10).

[10] رواه أبو داوود حديث رقم 4243.

[11] رواه الطبراني (الزوائد 152 / 1).

[12] رواه أحمد (الفتح الرباني 173 / 1) والحاكم وأقره الذهبي (المستدرك 106 / 1) وأبو داوود (حديث رقم 3646) والدرامي في سننه 125 / 1.

[13] رواه ابن عبد البر (جامع العلم 85 / 1) والخطيب (تقييد العلم ص 74).

[14] رواه أحمد (الفتح الرباني 191 / 1) والحاكم وصححه (المستدرك 109 / 1) والترمذي وصححه (الجامع 38 / 5).

[15] رواه أحمد وأبو داوود وابن ماجة والحاكم وصححه (كنز 174 / 1) والترمذي وصححه (الجامع 37 / 5).